استئصال اللوزتين تجربة صعبة نسبيا بسبب الألم الذى يعانيه المريض بعد العملية ، لكن التجربة تكون رهيبة فى حال تقيؤ المريض دما بما يدفع المحيطين به إلى تخيل وعاء دموى كبير مفتوح فى داخل الجسم وحتما يقترب من تصفية دم المريض إذا لم يتم إسعافه فى دقائق .. فهل هذه هى الحقيقة؟
دعونا أولا نتعرف على بعض المعلومات البسيطة عن تكوين اللوزتين وما يجاورهما من أنسجة...
اللوزتين عبارة عن تجمع من الأنسجة الليمفاوية بداخل كبسولة تحويها وتفصلها عن عضلات الحلق المسئولة عن البلع ، هذا النسيج مثله مثل باقى أنسجة الجسم يحتاج لشرايين وأوردة لتغذيته ، وهذه الأوعية تخترق العضلة المجاورة للوزة وتخترق الكبسولة المحيطة باللوزة لتدخل اللوزة وتغذيها ...
عند استئصال اللوزة يتم استئصالها بالكبسولة التى تحويها مع ربط أو كوى الأوعية الدموية التى تغذى اللوزة ، وهذه الأوعية تكون أكبر عددا وحجما مع تقدم سن المريض وازدياد مدة وشدة الالتهاب المزمن..
بعد استصال اللوزتين يتبقى مكانهما فراغا - كبير نسبيا - يسمح بتراكم الافرازات والمخاط والتقيح فى مكان اللوزتين (المبطن بعضلة البلع العليا التى أصبحت مكشوفة) ، هذا التجمع يتم تنظيفه وتطهيره فقط مع بلع الطعام والشراب لينزل إلى المعدة حيث يقضى الحمض المعدى على أى جراثيم تنزل إليه.. لكن ماذا يحدث إذا امتنع الطفل أو المريض عن الأكل بعد العملية؟؟
هذا هو أهم أسباب تلوث الجروح بعد استئصال اللوزتين حيث تتراكم الافرازات والمخاط والتقيح وتسبب التهابا فى عضلة البلع بما تحويه من أوعية دموية كانت خاصة باللوزتين ، ومع تقدم الالتهاب تتآكل جدر الأوعية الدموية بما يسبب خروج الدم منها ونزوله إلى المعدة ...
ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن المعدة قد تتقبل أشياء كثيرة لكنها أبدا لا تتقبل الدم فهو يسبب لها هياجا شديدا ينتهى بالقئ فيخرج الدم الذى اختلط بمحتويات المعدة من أحماض ومأكولات ومشروبات تغير لونها جميعا للون الأحمر بعد أن ذاب الدم فيها فيخرج الخليط بلون الدم فيظن الجميع أن المريض قد تقيأ كمية كبيرة من الدم تهدد حياته بينما قد يكون فى الحقيقة قد فقد عدة سنتيمترات فقط..
وفى غالب الأحوال يكون الدم قد توقف قبل القئ عن طريق دفاعات الجسم الطبيعية من انقباض فى جدار الوعاء المفتوح وتجلط الدم فيه لكن يبقى أنه فى عرضه لنزيف جديد حتى يتم معالجته..
علاج النزيف:
1- فى المنزل: مطلوب من الأسرة عدم الانزعاج وإظهار الرعب أمام الطفل أو المريض الذى يزداد رعبا عند رؤية فزع المحيطين بما يزيد الطين بلة ، ثم يبدأ المرافق للمريض بوضع كمدات ثلج أسفل الأذنين والفك ويقوم المريض بمص قطعة أخرى من الثلج وذلك فى الوضع جالسا ويتم الاتصال بالطبيب المعالج.
2- يقوم الطبيب بتحديد العلاج الذى يتكون من علاجات بالوريد تشمل مضادات حيوية ومضادات للنزيف ومسكنات مع العودة لنظام اليوم الأول بعد العملية فى التغذية (مثلجات) كما يتم إعطاء مهدئ للمعدة.
3- التدخل الجراحى فى هذه الحالات شديد الندرة والاحتياج لنقل دم أيضا شديد الندرة بل إن التدخل الجراحى فى هذه الحالات غير مستحب لأن الأنسجة الملوثة تكون مهترئة بما لا يسمح بأى خياطة فيها.
ونطمئن الجميع أن معدل الوفاة - لا سمح الله - بعد هذا النزيف يكاد يكون صفر % وأن العودة لغرفة العمليات أقل من 1% وأن الوقاية منها تكمن فى القدرة على إطعام الطفل بالترغيب أو الترهيب .. لهذا أكثر ما أخشاه فى عمليات اللوزتين هو الطفل المدلل لأنه الأكثر عرضه للمضاعفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق